المصريات سمينات وأطفالهن أقزام.. الحل تلوين الطعام

المصريات سمينات وأطفالهن أقزام.. الحل تلوين الطعام

35.6% من السيدات المصريات يعانين من السمنة يقابلهن 32% من أطفال مصر مصابين بالتقزم الناتج عن سوء التغذية.. هذا هو ما كشفت عنه دراسة النمط الغذائي للأسرة المصرية التي شملت 121 ألف أسرة مصرية في 20 محافظة من محافظات مصر، وقام بإعدادها معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية بالتعاون مع الدكتور عثمان جلال الأستاذ بجامعة كاليفورنيا الأمريكية.

فقد توصلت الدراسة كما يؤكد د. نبيه عبد الحميد الرئيس السابق لمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية والباحث الرئيسي بالدراسة إلى أن الأم المصرية تهتم بأن يحتوي غذاء أسرتها على المغذيات الكبرى، والتي تشمل مصادر الطاقة والبروتين: كالأرز أو المعكرونة واللحوم سواء حمراء أو بيضاء، بينما تهمل المغذيات الصغرى وتضم: "فيتامينات أ، د، ب 12، ب، الزنك والحديد"؛ وهو ما يؤدي إلى حدوث ظاهرتين متناقضتين؛ فالأطفال يعانون من التقزم الغذائي "قصر القامة نتيجة سوء التغذية" إضافة لانخفاض الوزن، بينما يعاني البالغون -سيدات ورجال- من السمنة.

وقد روعي أن تكون عينة الأسر ممثلة تمثيلا حقيقيا للمحافظات محل الدراسة بحيث تشمل جزءا من الحضر وجزءا من الريف.. كما تضم كافة المستويات الاجتماعية، وكذلك مستويات التعليم والدخل المختلفة؛ وذلك للوقوف على تأثير ذلك على العادات الغذائية وإعداد الطعام ونوعية الخامات المستخدمة فيه وكميتها.

النسب تجول بين الوزن والطول

وقد أشارت نتائج الدراسة إلى أن ظاهرة التقزم الغذائي منتشرة بنسبة 32% بين أطفال مصر، وتتباين هذه النسبة تباينًا واضحًا بين الريف والحضر، والوجه القبلي والبحري؛ فترتفع نسبة المصابين من الأطفال في المناطق الريفية إلى 34.7% من إجمالي الأطفال، بينما تنخفض النسبة بالمناطق الحضرية لتصل إلى 21.6%، كما ترتفع في محافظات الوجه القبلي (38.3%) عن مثيلاتها بالوجه البحري (21%).

وعن ظاهرة انخفاض الوزن فقد بلغت نسبتها نحو 20% من أطفال مصر. وترتفع هذه النسبة أيضا في المناطق الريفية (20.9%) عنها في الحضرية (16.4%)، وتزيد بصورة ملحوظة في محافظات الوجه القبلي (24.1%) عنها في البحري (12.8 %).

أما عن نسب السمنة بين البالغين فإن نسبة السمنة بين السيدات كبيرة بالمقارنة بنظرائهن من الرجال؛ ففي الوقت الذي تصل فيه نسبة السمنة بين سيدات مصر إلى 35.6% تنخفض بين الرجال لتصل 11.7%. وبينما ترتفع نسبة السمنة بين سكان المناطق الحضرية من السيدات لتمثل 48.6% تنخفض في الريف لتصل إلى 29.4%، كما ترتفع النسبة في الوجه البحري لتكون 51.5% بينما تصل لـ 22.5% بالوجه القبلي. وعلى الجانب الآخر فيما يتعلق بالسمنة بين الرجال فقد ارتفعت نسبتها "كما هو الحال عند السيدات" في المناطق الحضرية ومحافظات الوجه البحري بمعدلات 12.7% و23.9% عنها في المناطق الريفية ومحافظات الوجه القبلي حيث بلغت 11.3% و8.2%.

قزامة بالقبلي وسمنة بالبحري

وإجمالا لما سبق نرى أن كلا من حدة ظاهرتي قصر القامة وانخفاض الوزن تزداد في المناطق الريفية ومحافظات الوجه القبلي، في حين أنه على النقيض من ذلك تنتشر ظاهرة السمنة بالمناطق الحضرية وبمحافظات الوجه البحري.

وبحثا عن أسباب هذا التناقض توصلت الدراسة كما تشير د. زهرة صالح أستاذة مساعدة الصناعات الغذائية بالمركز القومي للبحوث وأحد المشاركين بالدراسة، إلى أن للحالة التعليمية وعدد أفراد الأسرة دورًا كبيرًا في هذا الصدد، فكلما كان رب الأسرة والأم على درجة عالية من التعليم وعدد أطفالهم قليلا، كانت الفرصة متاحة بشكل أكبر لحصول الأطفال على المغذيات الصغرى الضرورية لبناء الجسم، وحمايته من قصر القامة وانخفاض الوزن، وقد كان هذان العنصران في مصلحة المناطق الحضرية ومحافظات الوجه البحري.

أما ما يتعلق بانتشار السمنة بين الكبار في المناطق سابقة الذكر، فيرجع إلى نمط الحياة بها حيث يتسم بالسرعة والذي يجعل سكانها يلجئون إلى الوجبات السريعة غير المنتشرة بالمناطق الريفية والوجه القبلي وهو ما يجعلهم يصابون بالسمنة.

لون طعامك.. للشفاء وبالهناء

يقول د. إبراهيم يوسف أستاذ اقتصاديات التصنيع الغذائي بالمعهد: إن الحل لا يقف بالدرجة الأولى على الماديات، فمن الغريب أن الدراسة كشفت عن أن ما يتم إنفاقه من ميزانية الأسرة المصرية على شراء الطعام يزيد على ضعف الرقم المتداول عالميا.. ولكن الأمر يتعلق بالدرجة الأولى بعدم التثقيف الغذائي الصحيح المتمثل في كون 60% من الأطفال لا يفطرون قبل الذهاب للمدرسة كما كشفت الدراسة و70% يعانون من أنيميا الحديد.

ويؤكد د. إبراهيم أن الحل بسيط، ويكمن في حكمة قديمة مضمونها "اجعل أكلتك ملونة"، وهي نصيحة يمكن تحقيقها من خلال طبق السلطة والفواكه، بالإضافة للحصول على القدر المعقول من البروتين والطاقة.

فيجب أن تدرك الأمهات أن الغذاء هو سيمفونية من النغمات يجيد عزفها الجسم ويحاول أن يغطي أي نغمة ناقصة فيها إن أمكن، ولكن هناك أشياء لا يستطيع الجسم تحويلها، ولا بد أن يدخلها الإنسان له عن طريق الغذاء كالحديد، ويعمل الهيموجلوبين في هذا الصدد عمل ساعي البريد الذي يرسل رسائل لكل أعضاء الجسم من خلال مكونات الغذاء، فإذا ما حدث تقاعس أو تأخر في أي مكون يؤدي هذا إلى تأخر الرسائل؛ وبالتالي تقل كفاءة العمل والقدرة على التحصيل كما تتراجع الصحة وتتدهور.

وحتى ينشط ساعي البريد "الهيموجلوبين" لا بد من تزويده بالسلطة والفواكه التي لا يشترط أن تكون مرتفعة الثمن فيمكن مثلا الاعتماد على فاكهتي البرتقال والجُوافة لمساعدة الجسم على امتصاص الحديد.

وفيما يتعلق بالسلطة يجب الحرص على أن تتحقق فائدتها المرجوة بأن تكون آخر طبق يعد وأول طبق يقدم حتى نتجنب تأكسد الفيتامينات بالخضراوات، ولا بد أن تقطع شرائحها إلى قطع كبيرة، وليست كما يقدمها البعض على هيئة قطع صغيرة جدًّا، وأخيرا يجب وضع قطرات من الزيت عليها لأن هذه القطرات تساعد على استفادة الجسم من فيتامينات "أ" وتجعله قابلا للامتصاص بالجسم.

غذاء متوازن.. لاستدامة التنمية

وفي محاولة لنشر هذه الثقافة الغذائية السليمة كان لا بد للدراسة أن تخرج في النهاية بتوصيات يذكرها د. إبراهيم يوسف، منها ضرورة إعداد خطة متكاملة، تتكاتف فيها وسائل الإعلام مع المدارس والجامعات، حتى نعلم أولادنا كيف يأكلون ونؤكد لهم أن الاعتدال في الغذاء والتوازن سيوفران كثيرًا من بنود الإنفاق في مجالات أخرى كالعلاج الصحي. وطالبت الدراسة الحكومة المصرية بضرورة السعي لتنفيذ هذه الخطة فورًا؛ لأن التغذية هي أحد عناصر التنمية، والدليل على ذلك أن كثيرًا من الدول المدينة على مستوى العالم مثل "البرازيل والفلبين والصين" وجهت جزءًا من القروض التي تحصل عليها للنهوض بنظام التغذية واستطاعت أن تسد جزءًا كبيرًا من ديونها وتحقق الهدف من مديونيتها.

منقول من اسلام اون لاين