قصة غريق!!( استحلفكم الله ان تقرئو هذه القصه بذمه لعلنا جميعا نستفيد منها)
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
قصة غريق!!( استحلفكم الله ان تقرئو هذه القصه بذمه لعلنا جميعا نستفيد منها)
هذه القصة واقعية شاهدت أحداثها بنفسي، وها أنا الآن أقص عليكم بعض أخبارها؛ لعل العظة والعبرة تكون بين ثناياها، فكغيري من الشباب الذين يعانون من ضغوط المرحلة الثانوية، قررت أنا وبعض إخواني ممن اتلمس فيهم نور الهداية، قررنا أن نذهب إلى أحد الشواطئ، والتي كان أحد إخواني يمتلك أحد الشاليهات على رماله؛ لنقضي بعض الأوقات كنوع من أنواع الترفيه عن النفس، ولكن في حدود طاعة الله عز وجل.
ولكن العجيب، ونحن في طريقنا إلى هذا المكان، سقطت حقيبة أحد إخواني من الحافلة؛ فترك الحافلة على الفور؛ ليبحث عنها، وساعده آخر في ذلك، فتفرقنا وهممت أنا ومن بقي معي بالرجوع، ولكن شاء الله أن يجدوا الحقيبة، وأن يلحقوا بنا في الطريق، وأن نلتقي من جديد؛ لنكمل المشوار إلى هذا المكان الذي قصدناه، وكأن القدر يسوقنا إليه؛ لنكون شاهد عيان، يروي لكم هذه الأحداث، وتبدأ الحكاية بوصولنا إلى هذا الشاليه، وترتيبه وتنظيفه، وبعد عدة ساعات وقبيل الفجر، قررنا أن نصلي بعض الركعات في حديقة هذا الشاليه، والتي تطل على باقي الشاليهات.
وقبل أن نبدأ إذ بمجموعة من الشباب يصلون إلى الشاليه الذي يطل علينا مباشرةً، وإذ بهم يخرجون إلى شرفته، ويفتحون علينا وابل من الأغاني الصاخبة بصوت مرتفع جدًا، فقررنا على الفور أن نذهب إليهم ناصحين، مبشرين لا منفرين، وأن ندعوهم إلى الصلاة معنا؛ لعل الله أن يجعل هدايتهم على أيدينا.
ولكنهم قابلوا ذلك بالرفض، وكأنهم قد أتوا وهم يُأمِّلون أن يفعلوا كل ما يشتهون من أنواع المعاصي والشهوات، خاصةً وأنهم أتوا من محافظة أخرى؛ فلا يريدون لأحد أن يقطع عليهم لذتهم، والتي هم في غمرتها ساهون، فرجعنا إلى حيث أتينا.
ولكن كان من بينهم من لمحنا فيه بقية خير؛ تؤهله للحوق بسفينة التائبين، وبعد مرور دقائق معدودة، إذ بهذا الشخص ـ وكان يُدعى أحمد ـ ومعه آخر يأتيان إلينا، ويطلبان منا أن نطرق عليهم باب الشاليه كلما نادى المنادي "حي على الصلاة"، فرحبنا بذلك على الفور، والسعادة تغمرنا، أن الله وفقنا لدعوتهما، وبالفعل أذن المؤذن لصلاة الفجر، فانطلقنا نطرق عليهم الباب، وإذ بالشابين يخرجان ويذهبان معنا إلى الصلاة.
وبعد انقضاء الصلاة فتحنا معهم الحوار؛ محاولين أن نخرج نورًا من قلبيهما، تبدو آثاره، ولكن يبدو أن سنينًا عجاف من البعد والحرمان قد خيمت عليه، ومع بداية الحوار كانت المفاجأة، إذ بهذا الشخص ـ أحمد ـ يروي لنا قصته، ودموع الحزن والكمد تملأ عينيه ...
قال: (كنت شابًا طيبًا، رقيق القلب، شاء الله أن أفتح عيني في بداية مرحلة الشباب، لأجد نفسي بين شباب محب لله، خاشعة نفوسهم، سليمة قلوبهم، أحبوني وأحببتهم، عشت معهم في رحاب الصلاة، وفي ظل كتاب الله، أرتع معهم في حلقات الذكر في بيوت الله، فما أحلاها من حياة، في هذه الأيام كنت قريبًا من الله، أحببته حبًا جمًا، حتى والله لكأني كنت أشعر أن محبته سبحانه تخرج من النخاع، حتى تصل إلى المخ، إنه شعور لا أستطيع نقله، ولكن من ذاق حلاوة الطاعة يعي ما أقول).
وعند هذا الحد قاطعته وأنا بين شعورين، أحدهما التأثر بكلامه، فقد كان لكلامه وقعًا في قلبي، وشعرت أنه حقًا كلام لشخص عرف وذاق من قبل طعم الإيمان، وشعور آخر، وهو شعور الحيرة، فأين أنت الآن مما كنت عليه؟ وما الذي غير حالك وبدله؟ وهذا الأخير، هو الذي توجهت به إليه في صيغة سؤال، وقبل أن يجيب فاجأنا بقوله: (أتعلمون أني منذ أربع سنوات، لم أسجد لله سجدة!).
يا الله أربع سنوات من البعد والعصيان، ما الذي جرى وما الذي حدث؟! ما الذي ملأ القلب جفاءًً وأردى به طريحًا في أدواء الشقاء والحرمان؟ ما الذى حال بينه وبين حياة الأنوار، والقرب من العزيز الغفار؟
وأتى الجواب كما توقعت، إنها الكارثة، إنها الآفة التي قضت على الكثير ممن تسلقوا صرح الإيمان، ولم ينتبهوا لها، فجاءت ضرباتها في مقتل، وألقت بهم من أعلى الصرح؛ فظلوا يصرخون إلى أن وصلوا إلى الهاوية، قال صاحبنا: (إنها رفقة السوء، فمنذ أن تعرفت عليهم، وإذ بقدمي تنزلق معهم في كل وادي؛ حتى تركت رفقة الإيمان، وتركت الصلاة، وارتكبت من المعاصي ما لم أتخيل أني أفعله في يوم من الأيام).
أرأيتم يا شباب كيف يفعل أعوان الشيطان؟ إنهم حقًا شياطين الإنس، لا يرقبون في مؤمن إلًّا ولا ذمة، لا يريدون لك أن تكون من الطائعين، بل يريدونك مثلهم تمامًا، ففي الدنيا تكثر معهم التطواف في دروب الشقاء، تهيم معهم في كل بلاء، ويوم القيامة يكفر بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضًا، وتراهم موقوفين عند ربهم، كل فريق يصرخ في وجه صاحبه: "لولا أنتم لكنا مؤمنين"!!
عند هذا الحد من الذكريات، ولَّى الشابان على وعد أن نعاود الطرق عليهم عند كل صلاة، ولكن يبدو أننا لن نتمكن من ذلك، فبعد هذا الحوار، وقبل شروق الشمس بدقائق، قررنا أن نقضي بعض الوقت في السباحة؛ لأنه الوقت الذي يمكننا فيه أن نخلو بالشاطئ، قبل أن يزدحم، ويكون فيه من المشاهد ما يعكر صفو إيماننا.
ولكن هؤلاء الشباب سبقونا إلى الشاطئ في ذلك الوقت، ونحن في طريقنا إلى الشاطئ، وقع ما لم يخطر لنا على بال، إذ بأحد أفراد هذه الشلة يأتي إلينا صارخًا قائلًا: إنه يغرق، قلنا من؟ قال: (أحمد، الذي كان معكم في الفجر)، فزعنا وانتقلنا إلى الشاطئ وضربات قلوبنا تسابق أقدامنا، وصلنا وإذ بجمع من الناس يقفون على الشاطئ، ولا أثر لأحمد، قال أحد الأشخاص ـ الذين رأوه وهو يغرق ـ: (لقد ظل يصارع الأمواج وسط دوامة من المياه، فحينما رأى أصدقاؤه ذلك، ولوا إلى الشاطئ وتركوه؛ حفاظًا على أنفسهم)، وحينها بدأ الناس ينظرون إلى أصدقائه نظرة إزدراء.
ظللنا نبحث أنا وأصدقائي عن فرق للإنقاذ، عن أي أداه نستطيع أن ندخل بها إلى عرض البحر؛ بحثًا عنه، أحد أخواني اتصل على رقم تركه فريق الإنقاذ بالمنطقة على لوحة معلقة، فقالوا له: (أمامنا بعض الوقت حتى نأتي إليك)، فظل يصرخ فيهم باكيًا، وأغلق الهاتف، هذا كله وسط شعور بالغضب الشديد منا وممن حولنا، تجاه هذه المشاعر الباردة التي تعامل بها أصدقاؤه في هذه اللحظات.
فلم يكلف أحدهم نفسه بأن يبحث عن وسيلة لإنقاذه، بل إن ما بدا منهم، ما هو إلا كيف ينجو كل واحد منهم بنفسه، دون أن يصيبه أدنى أذى، ياالله أليس هذا رفيقكم؟! إنه صاحبكم الذي أغررتموه، ودمرتم حياته، الآن تتنكرون له، ولا تعرفونه.
بعد ما يقرب من عشرين دقيقة، إذ بأحد الأشخاص يقول: (إني أرى وكأن شيئًا يطفو على سطح الماء من بعيد)، فنظرنا، ونظر الجمع إلى أصدقائه؛ كي يهموا بالنزول إلى المياه، فإن كان هو اجتذبوه؛ فلم يحرك أحدهم ساكنًا، فانطلقت على الفور أنا واثنين من إخواني، وشاب آخر ممن حضروا ذلك المشهد، انطلقنا إلى المياه، وإذ بالمياه تغمرنا، ولكنَّ الله سلم، أمسكنا به، وحينها شعرنا كأننا أمسكنا بخشبة، أو شيء يابس، أما عن نفسي، فقد شعرت حينها بخوف شديد، فتلك هي المرة الأولى، التي أحمل فيها إنسان على هذه الهيئة، وبهذه الصورة.
أخرجناه، جعلنا نتلمس أنفاسه، نبضاته، لا شيء، قد فارق الحياة، وأغلقت صفحات الحياة، قال تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء:٧8]، والآن أصبحت روحه وحيدة؛ تلقى جزاء ما صنعت، كما أصبح جسده وحيدًا؛ بعدما ولت فرقة الأندال بالفرار، بعيدًا عن الأنظار، وفي وسط الزحام، كل منهم جمع حقائبه وفر هاربًا، ليتركوا هذا الجسد بمفرده، لا يُدرى إلى أين يذهب؟! ولا إلى أين يصير؟! هل يرجع إلى بيته؛ لتلقي عليه أمه نظرة الوداع؟! أم سيقتلها الحزن؛ لأنهالم تظفر حتى بهذه النظرة الأخيرة، التي تودع بها جسمان ولدها؟!
وما ذلك إلا لأنه أخطأ، حقًا أخطأ يوم أن قرر أن يكون فريق الأندال هم أصحابه ورفقاؤه، إنهم لا يعرفون إلا اللهو واللعب، والخوض في غمار المعاصي والملذات، فحينها أنت حبيبهم ورفيقهم، يأتونك من بين يديك ومن خلفك، ومن كل مكان ...
أما في وقت الصعاب والملمات، فانظر عن يمينك فلن تجد شيئًا، وكذلك عن الشمال، بل لو نظرت خلفك، لربما دفعك أحدهم؛ كي لا يصيبه مكروه، وانظر أمامك فلن تجد إلى مصيرك ينتظرك وحدك، وحينها صدق ربي إذ يقول: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان:27].
ظل الغريق مُغَطى بأوراق الجرائد إلى أن أتت الشرطة، وحضرت عربة الإسعاف، ومن ثمَّ نقلوه إلى المشرحة؛ لتكون هي المكان الذي يكتب عليه كلمة (النهاية)، وتغلق عنده صفحة من صفحات القوة والشباب، وتنتهي عنده قصة الغريق، لنستلهم منها العبر والعظات وتبدأ أنت طريقك إلى رب البريات، فالغريق قد فاضت روحه لرب العالمين، وأنت ما زال بإمكانك أن تركب جناح العائدين:
نور حياتك بالهــدى واعمر فــؤادك بالتقى
وارضِ الإله بطاعـة واحمل بصدرك مصحفًا
ودع الغواية إنهـــا الدين مشكاة الحيــاة
عد للكريم بتوبـــة تلقى السعادة كلهـــا
واسلك طريق التائبيـن فالعمر محدود السنيـن
تسعدك في دنيا وديـن يشرح فؤادك كل حيـن
لشقاء كل الغافلـيـن يضيء درب الحائريـن
واركب جناح العائدين فلنعم درب الصالحيـن
وبعد هذه القصة لا أدري ما أقول، لأنني أعلم أني لو سألت أحدكم، لسطَّر في هذه القصة أبلغ الكلمات، ولانهمرت منه أغلى الدمعات، ولكن أختم هذه القصة بنصيحة إلى كل شاب رزقه الله رفقة إيمانية؛ ينعم معها بطاعة الله، وإلى كل من غره إخوان السوء، وزينوا له أبواب المعاصي والشهوات ...
أناديك أخي الشاب وأنا والله أحبك في الله، أناديك وفي قلبي حرقة، أناديك وأنا أدعو الله أن يكتب لكل واحد منَّا خاتمة حسنة، أناديك قبل أن تأتي لحظات الوفاة وتوديع الحياة، تلك اللحظات التي تبكي الصغير والكبير، والغني والفقير، أخي: (الزم رفقة الخير، ابحث عنهم في رياض الذكر، تلمس نورهم في مجالس القرآن، عش معهم، وفي رحابهم؛ تنعم بدفء الحياة في ظل شرع الله، فإنهم والله زينة في الرخاء، وعدة في البلاء، ولا تعدوا عيناك عنهم؛ تتطلع إلى رفقة السوء، فإنهم باب كل بلاء وشقاء)، قال تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:67].
toty love- مشرفة عامة
- عدد الرسائل : 664
تاريخ التسجيل : 10/02/2009
رد: قصة غريق!!( استحلفكم الله ان تقرئو هذه القصه بذمه لعلنا جميعا نستفيد منها)
يسلموووووووو علي مرورك اخي الكريم خالد دمت بحب
toty love- مشرفة عامة
- عدد الرسائل : 664
تاريخ التسجيل : 10/02/2009
رد: قصة غريق!!( استحلفكم الله ان تقرئو هذه القصه بذمه لعلنا جميعا نستفيد منها)
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية
عبده الجوكر- مشرف
- عدد الرسائل : 642
تاريخ التسجيل : 10/02/2009
مواضيع مماثلة
» 44 عنصر عن اسماء فى حياة خير الخلق اجمعين محمد بن عبد الله رسول الله..
» موقع رسول الله صلى الله عليه وسلم
» أخوكم عازف الجوارح حصل على وسام العطاء فلنبارك له جميعا
» صورة الصخرة التى عرج منها الرسول (ص ) إلي السماء
» مبروك لبت النيل حصولها على وسام التكريم وننتظر منها الكثير .. من تقدم لتقدم
» موقع رسول الله صلى الله عليه وسلم
» أخوكم عازف الجوارح حصل على وسام العطاء فلنبارك له جميعا
» صورة الصخرة التى عرج منها الرسول (ص ) إلي السماء
» مبروك لبت النيل حصولها على وسام التكريم وننتظر منها الكثير .. من تقدم لتقدم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى